المواضيع الأخيرة
أفضل 10 فاتحي مواضيع
خادم الصالحين | ||||
السراج المنير | ||||
عقبة | ||||
نور الشام | ||||
أمان الروح | ||||
محمد العبد الخميس | ||||
admin | ||||
الحر | ||||
طوق الياسمين | ||||
خالد |
المواضيع الأكثر شعبية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 26 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 26 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 290 بتاريخ الخميس أكتوبر 03, 2024 9:09 pm
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
خادم الصالحين | ||||
السراج المنير | ||||
عقبة | ||||
نور الشام | ||||
أمان الروح | ||||
طوق الياسمين | ||||
الحر | ||||
محمد العبد الخميس | ||||
admin | ||||
خالد |
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 510 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو الياس0 فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 1464 مساهمة في هذا المنتدى في 1369 موضوع
دخول
موضوع المحور الثالث: الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة- موضوع إنشاء للبكالوريا
صفحة 1 من اصل 1
موضوع المحور الثالث: الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة- موضوع إنشاء للبكالوريا
موضوع المحور الثالث:
الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة
الإنسان العربي في مواجهة الاستعمار والتجزئة
لفترة طويلة ابتلي الوطن العربي
بالاستعمار، وهب الشعب الحر الأبي يدافع عن أرضه مسطرا أروع ملاحم
البطولة، وكان الأدباء أيضا من أولئك الأبطال، يشاركون في مواجهة
المستعمر؛ فقد صوروا جرائمه، وفضحوا ممارساته، ومجّدوا جهاد الشعب،
وأبرزوا تضحياته الفردية منها والجماعية، وتغنوا بانتصاراته العظيمة
الخالدة .
فقد صور الأدباء وحشية الاستعمار الغاشم، وفضحوا جرائم المستعمر، ذلك
الوحش الذي لا يتورع عن ارتكاب أبشع المجازر، وأحط الأفعال من أجل تنفيذ
مآربه القذرة الدنيئة، لقد هاجم ذلك المعتدي الآثم مدينة دمشق، فأفرغ حقده
كله، وكانت فاجعة لم يشهد لها تاريخ الإجرام مثيلاً. هذا هو خير الدين
الزركلي يصور عظم الفاجعة التي حلت عندما دخلت القوات الفرنسية دمشق،
ويكشف جرائم تلك القوات قائلا:
الله للحدثان كيف تكيد بردى يغيض وقاسيون يميد
بلد تبوأه الشقاء فكلما قدم استقام له به تجديد
فالمصاب عظيم والخطب جلل، لقد كادت مياه بردى أن تجف حزنا، وصخور قاسيون
أن تتزلزل غضبا، لما نـزل بهذه المدينة الباسلة،لقد حل فيها البلاء
واستوطنتها المصائب، فكلما انجلت واحدة نـزلت بها أخرى.
وهذا هو المستعمر الإيطالي يرتكب جريمة مروعة تقشعرّ لهولها الأبدان ،
ويشيب لها الولدان لقد أعدم الإيطاليون شيخًا كبيرًا مجاهدًا، وجريمته
الدفاع عن أرضه وشعبه ضد الاستعمار البغيض، لقد ألهبت تلك الجريمة البشعة
وجدان الشاعر أحمد شوقي، فكتب قصيدته الرائعة التي يمجّد فيها الشهيد
المختار، ويندّد بجريمة الطليان، فيقول مخاطبًا الشهيد عمر المختار:
ركزوا رفاتك في الرمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا منارا من دم يوحي إلى جيل الغد البغضاء
يا لها من جريمة! لقد أعدموا البطل الشهيد بوحشية دون مراعاة لكبر سنه،
فجعلوا من جسده الطاهر الدفين راية حمراء تنادي مطالبة بالثأر المقدس،
وكانت تلك الجريمة مصدرا يشيع العداوة والبغضاء بين الأجيال في المستقبل.
ويمارس المستعمر أكذوبة قديمة لا يفتأ يردّدها ويكررها، كلّما خطّط
للعدوان على حرية شعب من الشعوب، إنها خدعة الحرية، يرفع المستعمر رايات
الحرية حيثما حلّ، وينخدع به البسطاء معتقدين أنّه يحمل لهم الخير والحرية
المنشودة، فيتصدى الأدباء لهؤلاء المستعمرين، يكشفون خداعهم، ويجلون للناس
زيفهم، حتى لا ينخدع أحد بما يلفقونه من أكاذيب، يقول الزركلي:
جهروا بتحرير الشعوب وأثقلت متن الشعوب سلاسل وقيود
خدعوك يا أم الحضارة فارتمت تجني عليك فيالق وجنود
لقد جاؤوا إلى بلادنا بادعاءات كثيرة، وشعارات براقة، فزعموا أنهم قدموا
لتحريرنا، فلم نجد منهم إلا أسوأ أنواع الاستعمار، لقد تمكنوا من خداع هذا
البلد الكريم، وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم حتى أسروه.
وقد قام الأدباء كذلك بتوضيح سبب مهم من أسباب المصائب؛ ألا وهو لين الشعب
العربي وضعف استعداده، فهو بذلك يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، فلولا
الطيبة واللين والضعف الذي سيطر على أبناء هذه الأمة لكان العدو يحسب ألف
حساب قبل أن يتجرّأ على مسّ ترابها، لكنه الآن لا يعبأ بنا ولا يهتم
لحقوقنا، يقول الزركلي عن وطنه:
لانت عريكة قاطنيه وما دروا أن الضعيف معذب منكود
ما تنفع الحجج الضعيف وإنما حق القوي معزز معضود
لقد اتصف أهل هذه البلاد بالطيبة واللطف والرقة، وما علموا أن هذه الأوصاف
نفسها هي التي تؤدي بهم إلى الضعف، في عالم لا يعترف إلا بلغة القوة.
ويلتفت الأدباء إلى جانب مهم من جوانب النضال، وهو ضرورة رفع الروح
المعنوية، بتمجيد الأبطال وبطولاتهم، فيصورون كيف نفر الناس خِفافًا
وثِقالاً، للذَّوْد عن حياض الوطن، والذَّبِّ عن حماه، إنها المعركة
الملحمة في ميسلون، حيث انطلق أولئك الأبطال تدفعهم النخوة وتحثّهم
الحميّة، وليس بأيديهم من السلاح إلا القليل الذي لا يغني شيئًا في مواجهة
السلاح المتطور الذي يمتلكه العدو، إنها لوحة فريدة في عظمتها يصوّرها لنا
الزركلي قائلاً:
غلت المراجل فاستشاطت أمة عربية غضبا وثار رقود
زحفت تذود عن الديار وما لها من قوة فعجبت كيف تذود
إن صدور أولئك الرجال تحركت فيها النخوة والحمية، فهبّوا للدفاع عن الوطن،
دون أن يكون لديهم العتاد الكافي لذلك، فما أعجب هذا الجهاد وما أروعه!
ولا يكتفي الأدباء بتصوير البطولات الجماعية للجماهير العربية، مع عظمتها
ورفعة شأنها، بل يلتفتون إلى البطولات الفردية، ليعطوها حقّها من التمجيد
والتخليد، لأن الفرد يقود أمّة، ويظلّ مثلاً يقتدى به على مرّ العصور
وتعاقب الأجيال، ويصوّر أحمد شوقي بطولة فردية ضرب صاحبها أروع الأمثلة في
النبل والقوة، إنه عمر المختار الشيخ الكبير المجاهد، الذي واجه الاستعمار
الإيطالي على الرغم من كبر سنه:
لم تبق منه رحى الوقائع أعظما تبلى ولم تبق الرماح دماء
عضت بساقيه القيود فلم ينؤ ومشت بهيكله السنون فناء
إنه شيخ كبير أثر تقلب الأيام ومر السنين في قوة جسمه، وأنهكه خوض
المعارك، لكن لا شيء يقدر أن يضعف من قوة إيمانه، وشموخ عقيدته، لذلك تجده
في قيوده الثقيلة رافع الرأس عزيزا.
ويرسم الأدباء، مختلف جوانب البطولة الفردية، فهي لا تقتصر على الجهاد
والتضحية، فهناك وجه آخر مشرق مضيء للبطولة، ألا وهي العفّة والإباء، وهي
تسمو في كثير من الأحايين على جانب الصبر والتضحية، يشير أحمد شوقي بإعجاب
وإجلال إلى صورة أخرى لعمر المختار؛ إنها البطولة الأخلاقية، فهو يتحلى
بأخلاق الفارس العربي الشهم الأبي، الذي لا تغريه المناصب والأموال، فيبقى
راسخًا كالطود الشامخ في مواجهتها، فيقول:
خيرت فاخترت المبيت على الطوى لم تبن جاها أو تلم ثراء
إن البطولة أن تموت من الظما ليس البطولة أن تعب الماء
لقد أبى عمر المختار ما قدمه له المستعمرون من إغراءات، وفضل أن يعيش مع
المجاهدين، عيشة التعب والعناء والفقر، على أن يخون عقيدته، وهذه بطولة
أخرى من بطولاته.
ويبرز الأدباء جانبًا آخر مهمًّا من جوانب البطولة، بالمقارنة بين قوة
المستعمر، الذي جاء مستعدا للقتال، بعتاده الرهيب وأسلحته الفتاكة، وبين
قوة أولئك المجاهدين الذين لا سلاح لهم غير قوة الإيمان ورسوخ العقيدة،
ومع هذا تراهم يتسابقون إلى مواجهة العدو أفرادًا وجماعات. يقول الزركلي
في أبطال ميسلون:
الطائرات محومات حولها والزاحفات صراعهن شديد
ولقد شهدت جموعها وثابة لو كان يدفع بالصدور حديد
ويقول أحمد شوقي، عن عمر المختار:
بطل البداوة لم يكن يغزو على تنك ولم يك يركب الأجواء
لكن أخو خيل حمى صهواتها وأدار من أعرافها الهيجاء
كلا الشاعرين أكدا الفكرة نفسها: إن المستعمر جاء بطائراته ودباباته
وغروره وبطشه، والمجاهدون جاؤوا بسلاحهم البسيط وإيمانهم العظيم، وشتان
بين الفريقين.
ويخلص الأدباء إلى حقيقة خالدة، يبرزونها لتصنع التفاؤل في نفوس أبناء
الشعوب الأسيرة، وتظهر إيمانهم بقدرتها على تحقيق النصر، تلك الحقيقة هي
حتمية نضال الجماهير من أجل حريتها لأن مذاق الحرية عزيز على النفوس، يبذل
من أجله الغالي والنفيس، وترخص له الأرواح، وتراق في سبيله الدماء،
والحتمية الثانية هي حتمية انتصار الشعب في نضاله لنيل الحرية، فالشعب باق
والاستعمار زائل، يقول الزركلي مؤكّدًا هذه الحقيقة الخالدة:
والشعب إن عرف الحياة فما له عن درك أسباب الحياة محيد
حيث يلتقي الشاعران في الإيمان بأن الشعب عن عرف طعم الحياة الحرة
الكريمة، فلن يتخلى أبدا عن النضال من أجلها، وإذا ما استمر على نضاله فلا
بد له من أن ينتصر، وإن طال المدى.
وعندما انقشع ظلام الاستعمار، وتحقق لهؤلاء الأبطال المجاهدين نصرهم
العزيز، انبرى الأدباء للاعتزاز بهذا النصر، الذي تحقق بالتضحيات العظيمة،
فصوّروا الفرح الذي عمّ أرجاء البلاد، والمكانة العزيزة السامية التي
جعلتها تطاول النجوم، وتجرّ أذيال الشهب، لقد قدّم الأبطال أنفس ما
يملكون، في سبيل الحرية، ولقد تحققت لهم ولبلادهم وشعبهم تلك الحرية، يقول
عمر أبو ريشة مخاطبًا بلاده بعد الجلاء:
يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب
لن تري حفنة رمل فوقها لم تعطر بدما حر أبي
يحق لهذه البلاد العظيمة أن تتباهى، وتجرر ذيول الفرح، في عرس المجد
العظيم، فقد تحقق النصر، ولم تبق حفنة من تراب هذه الأرض، إلا وقد ضحى من
أجل تحريرها بطل كريم.
وصوّر الأدباء خيبة المستعمر، في توطيد وجوده وتحقيق مآربه الدنيئة، على
هذه الأرض الطاهرة، وقد قضى المستعمر فترة من الدهر على هذه الأرض يضطهد
أهلها ويؤذيهم ويسرق مقدرات أمتهم، واستخدم في سبيل ذلك أشد ما يمتلكه من
أنياب ومخالب، لكنه أخفق في محاولاته الطويلة لإذلال هذه البلاد. وأبرز
الأدب النتيجة المحتومة لذلك الصراع المرير؛ ألا وهي انتصار الحق، مهما
قويت شوكة الباطل، ومهما اعتدى على الحق وأهله، يقول أبوريشة:
درج البغي عليها حقبة وهوى دون بلوغ الأرب
وارتمى كبر الليالي دونها لين الناب كليل المخلب
لا يموت الحق مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب
لقد حاول المستعمرون جهدهم لتحقيق مآربهم الدنيئة في هذه البلاد، غير أنهم
خابوا وخسروا، واندحرت قواتهم الجرارة وأسلحتهم الفتاكة، وانتصر الحق نصرا
عزيزا، بعد أن كان للباطل عليه جولة.
ولم ينس الأدباء في غمرة الفرحة أن يذكروا بفخر واعتزاز، ذلك النضال
العظيم، عبر تاريخنا الحافل بالانتفاضات التي عبّر فيها الشعب عن أصالته
وإبائه، ومرَّ بكثير من النكبات، لكنها لم تفقده قيمته. فليس المهم في
الثورات أخفقت أم لم تخفق، لكن المهم هو أن تقوم تلك الثورات فعلاً، لأنها
الدليل على حياة الأمة، يقول أبوريشة:
كم لنا من ميسلون نفضت عن جناحيها غبار التعب
شرف الوثبة أن ترضي العلا غلب الواثب أم لم يغلب
ليست معركة ميسلون فريدة في تاريخنا، فهو مليء بمعارك البطولة والكرامة،
ومع أن كثيرا من تلك المعارك لم يتحقق فيها النصر، إلا أنها تبقى مفخرة
لنا، لأنها دليل على عزة الأمة وكرامتها.
وتظل في القلب حرقة تنغص فرحة النصر؛ إنها القدس الأسيرة، فيلتفت الأدباء
إليها في أسى وإجلال، ويخاطبونها برقّة وحنان، وإعظام وتكريم، ولا عجب
فمكانة القدس في النفوس عظيمة، وحقها على الجميع واجب، يخاطبها الأدباء
وكلهم ثقة باستمرار النضال حتى تحريرها، وإعادة العزّة والكبرياء إليها،
يقول أبو ريشة:
يا روابي القدس يا مجلى السنا يا رؤى عيسى على جفن النبي
دون عليائك في الرحب المدى صهلة الخيل ووهج القضب
إنها القدس؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومهد الديانات السماوية، ولا بد
من تحقيق حريتها انتزاعًا، بقوة السلاح، وإعادة كرامتها وعزتها بالزحف
المقدس للمجاهدين الأبطال.
ويشيد الأدب بالروابط القومية، ووحدة الآلام والمشاعر، التي ربطت بين
أقطار العروبة، فأحيت علاقات القربى التي ضعفت، وجدّدت ارتباط الأخ بأخيه
وأهله، داعيا إلى وحدة عربية تلم الشمل في وجه الخطوب والشدائد، ممجدًّا
الألم والمصاب الذي قرّب ووحّد ولم أشتات الشعب الممزّق، يقول عمر أبوريشة:
لمت الآلام منا شملنا ونمت ما بيننا من نسب
فإذا مصر أغاني جلق وإذا بغداد نجوى يثرب
بورك الخطب فكم لف على سهمه أشتات شعب مغضب
هذه المصائب هي التي جمعتنا بعد فرقة، ووثقت أواصر القربى والأخوة، فما
أحسنها من حوادث؛ تلك التي تلم الشعث، وترأب الصدع، وتجمع الإخوة
المتفرقين!
وهكذا نجد أن الأدب كان في قلب النضال، مع المنافحين عن الوطن في وجه
المستعمر، وقد أدى مهمة جليلة في كشف حقيقة المستعمر، وفضح جرائمه، وتمجيد
البطولة، وإثارة الأمل والتفاؤل، والتذكير بضرورة متابعة النضال لتحرير
سائر تراب الوطن الكبير، كما أشاد بالروابط الأخوية التي تجمع الشعب
العربي كله، ورحب بعودتها من جديد
بالاستعمار، وهب الشعب الحر الأبي يدافع عن أرضه مسطرا أروع ملاحم
البطولة، وكان الأدباء أيضا من أولئك الأبطال، يشاركون في مواجهة
المستعمر؛ فقد صوروا جرائمه، وفضحوا ممارساته، ومجّدوا جهاد الشعب،
وأبرزوا تضحياته الفردية منها والجماعية، وتغنوا بانتصاراته العظيمة
الخالدة .
فقد صور الأدباء وحشية الاستعمار الغاشم، وفضحوا جرائم المستعمر، ذلك
الوحش الذي لا يتورع عن ارتكاب أبشع المجازر، وأحط الأفعال من أجل تنفيذ
مآربه القذرة الدنيئة، لقد هاجم ذلك المعتدي الآثم مدينة دمشق، فأفرغ حقده
كله، وكانت فاجعة لم يشهد لها تاريخ الإجرام مثيلاً. هذا هو خير الدين
الزركلي يصور عظم الفاجعة التي حلت عندما دخلت القوات الفرنسية دمشق،
ويكشف جرائم تلك القوات قائلا:
الله للحدثان كيف تكيد بردى يغيض وقاسيون يميد
بلد تبوأه الشقاء فكلما قدم استقام له به تجديد
فالمصاب عظيم والخطب جلل، لقد كادت مياه بردى أن تجف حزنا، وصخور قاسيون
أن تتزلزل غضبا، لما نـزل بهذه المدينة الباسلة،لقد حل فيها البلاء
واستوطنتها المصائب، فكلما انجلت واحدة نـزلت بها أخرى.
وهذا هو المستعمر الإيطالي يرتكب جريمة مروعة تقشعرّ لهولها الأبدان ،
ويشيب لها الولدان لقد أعدم الإيطاليون شيخًا كبيرًا مجاهدًا، وجريمته
الدفاع عن أرضه وشعبه ضد الاستعمار البغيض، لقد ألهبت تلك الجريمة البشعة
وجدان الشاعر أحمد شوقي، فكتب قصيدته الرائعة التي يمجّد فيها الشهيد
المختار، ويندّد بجريمة الطليان، فيقول مخاطبًا الشهيد عمر المختار:
ركزوا رفاتك في الرمال لواء يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا منارا من دم يوحي إلى جيل الغد البغضاء
يا لها من جريمة! لقد أعدموا البطل الشهيد بوحشية دون مراعاة لكبر سنه،
فجعلوا من جسده الطاهر الدفين راية حمراء تنادي مطالبة بالثأر المقدس،
وكانت تلك الجريمة مصدرا يشيع العداوة والبغضاء بين الأجيال في المستقبل.
ويمارس المستعمر أكذوبة قديمة لا يفتأ يردّدها ويكررها، كلّما خطّط
للعدوان على حرية شعب من الشعوب، إنها خدعة الحرية، يرفع المستعمر رايات
الحرية حيثما حلّ، وينخدع به البسطاء معتقدين أنّه يحمل لهم الخير والحرية
المنشودة، فيتصدى الأدباء لهؤلاء المستعمرين، يكشفون خداعهم، ويجلون للناس
زيفهم، حتى لا ينخدع أحد بما يلفقونه من أكاذيب، يقول الزركلي:
جهروا بتحرير الشعوب وأثقلت متن الشعوب سلاسل وقيود
خدعوك يا أم الحضارة فارتمت تجني عليك فيالق وجنود
لقد جاؤوا إلى بلادنا بادعاءات كثيرة، وشعارات براقة، فزعموا أنهم قدموا
لتحريرنا، فلم نجد منهم إلا أسوأ أنواع الاستعمار، لقد تمكنوا من خداع هذا
البلد الكريم، وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم حتى أسروه.
وقد قام الأدباء كذلك بتوضيح سبب مهم من أسباب المصائب؛ ألا وهو لين الشعب
العربي وضعف استعداده، فهو بذلك يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، فلولا
الطيبة واللين والضعف الذي سيطر على أبناء هذه الأمة لكان العدو يحسب ألف
حساب قبل أن يتجرّأ على مسّ ترابها، لكنه الآن لا يعبأ بنا ولا يهتم
لحقوقنا، يقول الزركلي عن وطنه:
لانت عريكة قاطنيه وما دروا أن الضعيف معذب منكود
ما تنفع الحجج الضعيف وإنما حق القوي معزز معضود
لقد اتصف أهل هذه البلاد بالطيبة واللطف والرقة، وما علموا أن هذه الأوصاف
نفسها هي التي تؤدي بهم إلى الضعف، في عالم لا يعترف إلا بلغة القوة.
ويلتفت الأدباء إلى جانب مهم من جوانب النضال، وهو ضرورة رفع الروح
المعنوية، بتمجيد الأبطال وبطولاتهم، فيصورون كيف نفر الناس خِفافًا
وثِقالاً، للذَّوْد عن حياض الوطن، والذَّبِّ عن حماه، إنها المعركة
الملحمة في ميسلون، حيث انطلق أولئك الأبطال تدفعهم النخوة وتحثّهم
الحميّة، وليس بأيديهم من السلاح إلا القليل الذي لا يغني شيئًا في مواجهة
السلاح المتطور الذي يمتلكه العدو، إنها لوحة فريدة في عظمتها يصوّرها لنا
الزركلي قائلاً:
غلت المراجل فاستشاطت أمة عربية غضبا وثار رقود
زحفت تذود عن الديار وما لها من قوة فعجبت كيف تذود
إن صدور أولئك الرجال تحركت فيها النخوة والحمية، فهبّوا للدفاع عن الوطن،
دون أن يكون لديهم العتاد الكافي لذلك، فما أعجب هذا الجهاد وما أروعه!
ولا يكتفي الأدباء بتصوير البطولات الجماعية للجماهير العربية، مع عظمتها
ورفعة شأنها، بل يلتفتون إلى البطولات الفردية، ليعطوها حقّها من التمجيد
والتخليد، لأن الفرد يقود أمّة، ويظلّ مثلاً يقتدى به على مرّ العصور
وتعاقب الأجيال، ويصوّر أحمد شوقي بطولة فردية ضرب صاحبها أروع الأمثلة في
النبل والقوة، إنه عمر المختار الشيخ الكبير المجاهد، الذي واجه الاستعمار
الإيطالي على الرغم من كبر سنه:
لم تبق منه رحى الوقائع أعظما تبلى ولم تبق الرماح دماء
عضت بساقيه القيود فلم ينؤ ومشت بهيكله السنون فناء
إنه شيخ كبير أثر تقلب الأيام ومر السنين في قوة جسمه، وأنهكه خوض
المعارك، لكن لا شيء يقدر أن يضعف من قوة إيمانه، وشموخ عقيدته، لذلك تجده
في قيوده الثقيلة رافع الرأس عزيزا.
ويرسم الأدباء، مختلف جوانب البطولة الفردية، فهي لا تقتصر على الجهاد
والتضحية، فهناك وجه آخر مشرق مضيء للبطولة، ألا وهي العفّة والإباء، وهي
تسمو في كثير من الأحايين على جانب الصبر والتضحية، يشير أحمد شوقي بإعجاب
وإجلال إلى صورة أخرى لعمر المختار؛ إنها البطولة الأخلاقية، فهو يتحلى
بأخلاق الفارس العربي الشهم الأبي، الذي لا تغريه المناصب والأموال، فيبقى
راسخًا كالطود الشامخ في مواجهتها، فيقول:
خيرت فاخترت المبيت على الطوى لم تبن جاها أو تلم ثراء
إن البطولة أن تموت من الظما ليس البطولة أن تعب الماء
لقد أبى عمر المختار ما قدمه له المستعمرون من إغراءات، وفضل أن يعيش مع
المجاهدين، عيشة التعب والعناء والفقر، على أن يخون عقيدته، وهذه بطولة
أخرى من بطولاته.
ويبرز الأدباء جانبًا آخر مهمًّا من جوانب البطولة، بالمقارنة بين قوة
المستعمر، الذي جاء مستعدا للقتال، بعتاده الرهيب وأسلحته الفتاكة، وبين
قوة أولئك المجاهدين الذين لا سلاح لهم غير قوة الإيمان ورسوخ العقيدة،
ومع هذا تراهم يتسابقون إلى مواجهة العدو أفرادًا وجماعات. يقول الزركلي
في أبطال ميسلون:
الطائرات محومات حولها والزاحفات صراعهن شديد
ولقد شهدت جموعها وثابة لو كان يدفع بالصدور حديد
ويقول أحمد شوقي، عن عمر المختار:
بطل البداوة لم يكن يغزو على تنك ولم يك يركب الأجواء
لكن أخو خيل حمى صهواتها وأدار من أعرافها الهيجاء
كلا الشاعرين أكدا الفكرة نفسها: إن المستعمر جاء بطائراته ودباباته
وغروره وبطشه، والمجاهدون جاؤوا بسلاحهم البسيط وإيمانهم العظيم، وشتان
بين الفريقين.
ويخلص الأدباء إلى حقيقة خالدة، يبرزونها لتصنع التفاؤل في نفوس أبناء
الشعوب الأسيرة، وتظهر إيمانهم بقدرتها على تحقيق النصر، تلك الحقيقة هي
حتمية نضال الجماهير من أجل حريتها لأن مذاق الحرية عزيز على النفوس، يبذل
من أجله الغالي والنفيس، وترخص له الأرواح، وتراق في سبيله الدماء،
والحتمية الثانية هي حتمية انتصار الشعب في نضاله لنيل الحرية، فالشعب باق
والاستعمار زائل، يقول الزركلي مؤكّدًا هذه الحقيقة الخالدة:
والشعب إن عرف الحياة فما له عن درك أسباب الحياة محيد
حيث يلتقي الشاعران في الإيمان بأن الشعب عن عرف طعم الحياة الحرة
الكريمة، فلن يتخلى أبدا عن النضال من أجلها، وإذا ما استمر على نضاله فلا
بد له من أن ينتصر، وإن طال المدى.
وعندما انقشع ظلام الاستعمار، وتحقق لهؤلاء الأبطال المجاهدين نصرهم
العزيز، انبرى الأدباء للاعتزاز بهذا النصر، الذي تحقق بالتضحيات العظيمة،
فصوّروا الفرح الذي عمّ أرجاء البلاد، والمكانة العزيزة السامية التي
جعلتها تطاول النجوم، وتجرّ أذيال الشهب، لقد قدّم الأبطال أنفس ما
يملكون، في سبيل الحرية، ولقد تحققت لهم ولبلادهم وشعبهم تلك الحرية، يقول
عمر أبو ريشة مخاطبًا بلاده بعد الجلاء:
يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب
لن تري حفنة رمل فوقها لم تعطر بدما حر أبي
يحق لهذه البلاد العظيمة أن تتباهى، وتجرر ذيول الفرح، في عرس المجد
العظيم، فقد تحقق النصر، ولم تبق حفنة من تراب هذه الأرض، إلا وقد ضحى من
أجل تحريرها بطل كريم.
وصوّر الأدباء خيبة المستعمر، في توطيد وجوده وتحقيق مآربه الدنيئة، على
هذه الأرض الطاهرة، وقد قضى المستعمر فترة من الدهر على هذه الأرض يضطهد
أهلها ويؤذيهم ويسرق مقدرات أمتهم، واستخدم في سبيل ذلك أشد ما يمتلكه من
أنياب ومخالب، لكنه أخفق في محاولاته الطويلة لإذلال هذه البلاد. وأبرز
الأدب النتيجة المحتومة لذلك الصراع المرير؛ ألا وهي انتصار الحق، مهما
قويت شوكة الباطل، ومهما اعتدى على الحق وأهله، يقول أبوريشة:
درج البغي عليها حقبة وهوى دون بلوغ الأرب
وارتمى كبر الليالي دونها لين الناب كليل المخلب
لا يموت الحق مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب
لقد حاول المستعمرون جهدهم لتحقيق مآربهم الدنيئة في هذه البلاد، غير أنهم
خابوا وخسروا، واندحرت قواتهم الجرارة وأسلحتهم الفتاكة، وانتصر الحق نصرا
عزيزا، بعد أن كان للباطل عليه جولة.
ولم ينس الأدباء في غمرة الفرحة أن يذكروا بفخر واعتزاز، ذلك النضال
العظيم، عبر تاريخنا الحافل بالانتفاضات التي عبّر فيها الشعب عن أصالته
وإبائه، ومرَّ بكثير من النكبات، لكنها لم تفقده قيمته. فليس المهم في
الثورات أخفقت أم لم تخفق، لكن المهم هو أن تقوم تلك الثورات فعلاً، لأنها
الدليل على حياة الأمة، يقول أبوريشة:
كم لنا من ميسلون نفضت عن جناحيها غبار التعب
شرف الوثبة أن ترضي العلا غلب الواثب أم لم يغلب
ليست معركة ميسلون فريدة في تاريخنا، فهو مليء بمعارك البطولة والكرامة،
ومع أن كثيرا من تلك المعارك لم يتحقق فيها النصر، إلا أنها تبقى مفخرة
لنا، لأنها دليل على عزة الأمة وكرامتها.
وتظل في القلب حرقة تنغص فرحة النصر؛ إنها القدس الأسيرة، فيلتفت الأدباء
إليها في أسى وإجلال، ويخاطبونها برقّة وحنان، وإعظام وتكريم، ولا عجب
فمكانة القدس في النفوس عظيمة، وحقها على الجميع واجب، يخاطبها الأدباء
وكلهم ثقة باستمرار النضال حتى تحريرها، وإعادة العزّة والكبرياء إليها،
يقول أبو ريشة:
يا روابي القدس يا مجلى السنا يا رؤى عيسى على جفن النبي
دون عليائك في الرحب المدى صهلة الخيل ووهج القضب
إنها القدس؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومهد الديانات السماوية، ولا بد
من تحقيق حريتها انتزاعًا، بقوة السلاح، وإعادة كرامتها وعزتها بالزحف
المقدس للمجاهدين الأبطال.
ويشيد الأدب بالروابط القومية، ووحدة الآلام والمشاعر، التي ربطت بين
أقطار العروبة، فأحيت علاقات القربى التي ضعفت، وجدّدت ارتباط الأخ بأخيه
وأهله، داعيا إلى وحدة عربية تلم الشمل في وجه الخطوب والشدائد، ممجدًّا
الألم والمصاب الذي قرّب ووحّد ولم أشتات الشعب الممزّق، يقول عمر أبوريشة:
لمت الآلام منا شملنا ونمت ما بيننا من نسب
فإذا مصر أغاني جلق وإذا بغداد نجوى يثرب
بورك الخطب فكم لف على سهمه أشتات شعب مغضب
هذه المصائب هي التي جمعتنا بعد فرقة، ووثقت أواصر القربى والأخوة، فما
أحسنها من حوادث؛ تلك التي تلم الشعث، وترأب الصدع، وتجمع الإخوة
المتفرقين!
وهكذا نجد أن الأدب كان في قلب النضال، مع المنافحين عن الوطن في وجه
المستعمر، وقد أدى مهمة جليلة في كشف حقيقة المستعمر، وفضح جرائمه، وتمجيد
البطولة، وإثارة الأمل والتفاؤل، والتذكير بضرورة متابعة النضال لتحرير
سائر تراب الوطن الكبير، كما أشاد بالروابط الأخوية التي تجمع الشعب
العربي كله، ورحب بعودتها من جديد
خادم الصالحين- عضو راقي
- عدد المساهمات : 1064
نقاط : 3198
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 23/01/2012
مواضيع مماثلة
» موضوع ( الإنسان العربي في مواجهة الواقع الاجتماعي المتردي) للبكالوريا العلمي والأدبي
» موضوع المحور السادس:( دور المرأة في البناء والتحرير) - للبكالوريا العلمي والأدبي
» موضوع المحور الثامن - الأدب الوجداني (موضوع للعلمي والأدبي)
» موضوع المحور التاسع (الأدب المهجري)
» موضوعات فرنسي - للبكالوريا موضوع الدرس الأول ( للهواء رائحة الكبريت )
» موضوع المحور السادس:( دور المرأة في البناء والتحرير) - للبكالوريا العلمي والأدبي
» موضوع المحور الثامن - الأدب الوجداني (موضوع للعلمي والأدبي)
» موضوع المحور التاسع (الأدب المهجري)
» موضوعات فرنسي - للبكالوريا موضوع الدرس الأول ( للهواء رائحة الكبريت )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 05, 2017 8:59 pm من طرف خادم الصالحين
» الحقيقة عدل الراعي في رعيته من أعظم القربات
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:38 pm من طرف خادم الصالحين
» الغضب إياك أن تتخذ قراراً وأنت غاضب
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:36 pm من طرف خادم الصالحين
» ليس بين العبد وربِّه وسيط
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:31 pm من طرف خادم الصالحين
» السعادة الدائمة والسعادة المؤقتة
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:29 pm من طرف خادم الصالحين
» شروط استجابة الدعاء
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:28 pm من طرف خادم الصالحين
» السعادة والشقاء مصدرها القلب
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:24 pm من طرف خادم الصالحين
» أكبر عقاب يصيب الإنسان في الدنيا
الأربعاء نوفمبر 01, 2017 9:21 pm من طرف خادم الصالحين
» لعقيدة الاسلامية - اسماء الله الحسنى - : اسم الله القريب
الأحد أكتوبر 29, 2017 10:16 pm من طرف خادم الصالحين
» شوفو شغلي الجديد
السبت أكتوبر 28, 2017 12:36 am من طرف عقبة